الثلاثاء، 14 أبريل 2009

مخاطر التهديد النووي الادارى

مخاطر التهديد النووي الادارى

اخطر الآفات الإدارية الشائعة في مؤسساتنا العربية

والتي تهدد جهود التنمية والإصلاح في العالم العربي




دراسة ميدانية لاهم واخط الآفات الإدارية المتجزرة في الثقافة الإدارية و السائدة والحاكمة في مؤسساتنا العربية الحكومية والخاصة والممتدة إلى مؤسسات المجتمع المدني

والتي

ــ تسببت في حالة التخلف التي وصلنا إليها

ــ كما أنها المسئولة حاليا عن إهدار الكثير من جهود الإصلاح والتطوير الادارى في الكثير من مؤسساتنا العربية

ــ وبطبيعة الحال تهدد مستقبلنا في عالم دائم التحديث والتطوير .

سنوات طويلة أمضيتها مستشارا و باحثا ومعدا للبرامج ومدربا في المجال الادارى تعرضت خلالها لأكثر من مائة مؤسسة حكومية وخاصة ، خلالها كنت اهتم برصد وتبويب الواقع وتحليله بهدف الوقوف الحقيقي عليه وعلى كل المتغيرات المؤثرة فيه بهدف الوصول إلى إجابات وحلول للازمات والمشاكل والواقع المتخلف الضعيف الذي نعيشه في واقعنا المؤسسي العربي .

من خلال طرح سؤالين دائمين وأحاول الإجابة عنهم في كل مؤسسة من هذه المؤسسات

السؤال الأول : خاص بالمؤسسات التي أخفقت ولم تحقق الأهداف المطلوبة :

لماذا تخلفت وضعفت هذه المؤسسة

السؤال الثاني : خاص بالمؤسسات الناجحة :

لماذا توقف نجاح هذه المؤسسة عند هذه المرحلة فقط ولم تنمو إلى ما هو أفضل من ذلك ؟

واستطيع أن اجزم أنني في غالب الأمر كنت أجد جزء كبير من الإجابة في هذه الغابة من الآفات الإدارية الشائعة والمتكررة في الكثير من هذه الشركات والتي يتكرر الجزء الأكبر في القطاع الحكومي أكثر منه في القطاع الخاص .

غابة من الآفات الإدارية أشبه بالتكوينات السرطانية التي نشأت ونمت وتكاثرت وتمكنت حتى فرض جزء كبير منه نفسه على الواقع المؤسسي لتكون جزأ من المكون الثقافة الطبيعي للمجتمع الادارى لا يمكن له أن يتخلى عنه وعلى جميع الأفراد العاملين الحاليين أو المقبلين التكيف معه .

وتتعدد وتتنوع مجالات وممارسات هذه الآفات فمنها :

ــ آفات خاص بالمفاهيم والفلسفات الخاصة المغلوطة عن الكثير من المبادئ والمفاهيم والثوابت الإدارية والأخلاقية المعترف بها دينيا ومنطقيا وعمليا وتاريخيا

ــ آفات تتعلق بكيفية الممارسة والتطبيق للمفاهيم والمبادئ والنظريات والمعايير ولكن يتم تجاوزها من خلال تفريغها من مضمونها أو الالتفاف عليها

ــ منها ما يتعلق بالأمور التنفيذية البسيطة محدودة التأثير على المؤسسة ككل ، ومنها ما هو استراتيجي عظيم الأثر وربما يتسبب في أمور كارثية على المؤسسة .

ــ كذلك منها ما هو مرتبط بالمراكز القيادية العليا في التنظيم الادارى ، ومنه ما هو خاص بالمستويات الوسطى والدنيا في التنظيم الادارى.

ــ منها ما يتعلق بالبناء والتكوين المؤسسي وضرورة اكتمال عناصره ومكوناته وترابطها وتكاملها مع بعضها البعض في بناء مؤسسي متكامل تعلو وتسود وتقود فيه شخصية المؤسسة على شخصية الفرد ، ومنه ما يتعلق بالوحدات التنظيمية والفرق والأفراد وما يعتريهم من خلل أو قصور أو انحراف في الفهم والسلوك .

ــ ويتساوى الأمر تقريبا في القطاع الانتاجى كما هو في القطاع الخدمي .



الخطير في الأمر ليس هو الآفة ذاتها فقط بل التداعيات الثلاثة التي تحدث بعدها

1 ــ الآثار السلبية الحالية محدودة الأثر والتي بفعل التراكم والتكاثر تكتسب القوة والتأثير الاستراتيجي بالغ الخطورة كما وكيف وزمنيا لمسافات زمنية ممتدة .

2 ــ ردود الأفعال الوقائية أو الانتقامية من الأفراد الآخرين المحيطين المتضررين من هذه الآفة أو حتى مجرد المراقبين لها .

3 ــ استمراء هذه الآفات وقبول اللجوء إليها والتعايش معها مضطرا حتى تتسرب إلى قيم وأخلاق وثقافة الأفراد في بيئة العامل فتصبح جزءا من المكون القيمى والثقافي لهؤلاء الأفراد وهذه البيئة الوظيفية التي تحولت عبر سلسلة من التنازلات والانحرافات إلى بيئة فاسدة وتتطور تلقائيا لتصبح بيئة مفسدة لغيرها من البيئات الوظيفية الأخرى .

وبذلك ندرك أنها تحولت من مجرد خطأ أو خلل أو آفة في الفهم والتطبيق

والممارسة إلى ما هو أكبر من ذلك حيث أصبحت :

ــ جزء من الثقافة اليومية السائدة في بيئة العمل

ــ قوانين ومبادئ ضمنية معترف بها ومسلم بها ضمنيا ومعمول بها حتى

وان كانت غير مكتوبة ومقننة لائحيا وقانونيا

ــ قوة ضغط ومركز قوة وآده فعل فاعلة ومؤثرة

ــ عند الخبراء والعاملين المخلصين جزء مسلم به من الأمر الواقع يجب

التعاطي معه وان كنا نرفضه ونلفظه .

وسأعرضها جملة لتتضح وتنكشف بكافة مسمياتها وعناوينها من خلال جمعها في محاور ومجالات متشابهة حتى يسهل التعاطي معها عرضا وتفسيرا وتحليلا ومواجهة.

ثم أتناول أهمها بالتحليل والتفصيل لتعزيز الوعي والقدرة على التعاطي معها والتعافي منها.

وأتمنى ألا تكون داعيا لليأس والإحباط بل تكون خطوة للعمل والتغيير والإصلاح والتطوير في مسيرتنا النهضوية التي تنطلق عادة من الإصلاح الادارى ثم إلى التطوير الشامل ــ من خلال تعاملنا معها بشفافية ومصارحة حقيقية وإرادة حقيقة للإصلاح بالتعاطي العلمي والمنهجي معها ، وابشر أن مثل هذه الآفات عادة ما ينشأ ويتكاثر ويتكرر في الكثير من المؤسسات والبلدان فى مراحل ضعفها ولكن ما تلبث أن تتوارى وتختفي مع الجهود المخلصة للعاملين للإصلاح والنهضة كما حدث تماما في تجربة النهضة الأوربية واليابانية والتركية والماليزية .



أهم واخطر الآفات الإدارية الشائعة في بيئات العمل العربية



1. تقديم أهل الثقة على أهل العلم والخبرة والمحاباة الخاصة على غير أساس الكفاءة ، و قبول المجاملات الخاصة والوقوع تحت تأثيرها ، والمحسوبية والأثر الكبير للعلاقات الشخصية الخاصة والقرابة على حساب الكفاءة الحقيقية.

2. الشيخوخة الإدارية والبقاء في المناصب الإدارية مدة طويلة وكبت النمو

الطبيعي للقيادات الجديدة ، ودوره في نمو وتكاثر القيادات التاريخية ذات الحيثيات العاطفية للمديرين والمسؤلين وسطوتها على عقول الأفراد .

3. الاستبداد الادارى و الانفراد بالسلطة و التسلط وإلغاء الآخرين وغياب المشاركة و التفويض

4. ضعف وفى كثير من الأحيان غياب البناء المؤسسي وتفريغه من مضمونه لحساب شخصنه المؤسسة



5. السطحية في التعامل مع المشكلات .

6. الفردية والأنا وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة .

7. الجيوب الادارية الخاصة داخل المؤسسة .

8. ضعف الثقة فى الذات والإحساس بالدونية .

9. اهتزاز وضعف الثقة فى القيادة الادارية.

10. الحرب على التفكير والمبدعين وقتل روح الابتكار وإهدار فرص النمو .

11. ضعف المشارك والتفاعل مع العمل وقلة الاقتراحات والأفكار الجديدة.

12. ضعف وربما غياب الانضباط الوظيفي ( الالتزام بمواعيد الدوام / ثقافة المؤسسة / العلاقات الوظيفية مع الزملاء والرؤساء ومن هم دونه وتحت مسئوليته / الممتلكات العامة للمؤسسة ).

13. الممارسة الخادعة للشورى ( وهم الشورى ).

14. جمود وأحادية التعامل مع الأفراد (عدم إدراك الفروق الفردية بين الأفراد ).

15. التعامل السلبي مع أخطاء الموظفين وإفراط وتفريط المديرين في ردود أفعالهم مع الأفراد و محاسبة الأفراد ( الصرامة الشديدة ــ التهاون ) ..

16. اثارة روح المنافسة السلبية بين أفراد الادارة.

17. غياب ثقافة التدريب والتأهيل والتنمية البشرية وحرمان الافراد من فرصة التاهيل

18. ضعف وغياب سياسات التحفيز والادارة بالارهاب النفسى للعاملين ،

واستغلال حاجة الناس للعمل فى ظل تفاقم مشكلة البطالة الى حد يصل معه اهدار لكرامة الانسان ومن ثم ضعف الانتماء للمؤسسة .

19. غياب القدرة على ادارة الوقت وحسن استغلاله وشيوع ثقافة اهدار الوقت .

20. غياب البرامج العلمية فى اختيار وترشيح واعداد القادة والمسؤلين واهمال وربما غياب الاعداد القيادى وانتشار جيل من القادة العشوائيين

21. اذدواجية المعايير الادارية (غياب الشفافية فى تقييم آداء الافراد) .

22. ضعف مستوى الآداء كما وكيفا والتخلف عن مقايسس ومستويات الجودة العالمية فى المجالات المختلفة.

23. النمطية والتقليد والتعامل مع الواقع بفكر وخبرات الماضي و الانغلاق على الذات والعيش بوهم مثالية الذات والرقى الوهمى فوق الآخرين ، والإصرار على عدم مواكبة العصر والتعاطي الحقيقي مع قوانينه ومتغيراته الجديدة

24. انتشار وسيادة مراكز القوه الاداريه ( جماعات الضغط ) وكيف تنشأ وتنمو .

25. غياب وتلاشى هيبة وحرمة المال العام والتعدي عليه ونهبه بشكل متكرر

26. ضعف الاهتمام بتحقيق الرضا الوظيفي وعدم الإحساس بالأمان لدى العاملين والشعور المتكرر لدى الموظفين فى الادارات الدنيا والوسطى بالظلم وضياع حقوقهم .

27. غياب العدالة في توزيع المهام والأعمال ــ (تفاوت الأحمال الوظيفية ) .

28. ضعف فهم واستغلال القدرات و الطاقات المتاحة ( غياب التوظيف والاستثمار الأمثل للموارد البشرية المتاحة ) .

29. الاداريه الفردية للعمل المؤسسي وتفريغه من مضمونه

30. محدودية سقف الطموح ( ضعف الهمة وضمور العزيمة )و غياب ثقافة التطوير المستمر والرغبة فى التميز والريادة .، والميل للسلامة وإيثار الراحة والأمان على حب مجالده الصعاب وتحقيق لانجازات الكبيرة .

31. غياب ثقافة البحث والدراسة وإستخدام المناهج العلمية فى التفكير وتغليب ثقافة ادعاء معرفه وفهم كل شيء ( ثقافة الفهلوة ) .

32. امتداد الفردية والأنا إلى العاملين المخلصين للإصلاح وميلهم الى الانفراد والانعزال بملف الإصلاح وإهمال تفعيل الشركاء والساعين وطالبي والمستفيدين من الإصلاح ( أنانية الإصلاح ) .

33. غياب التفكير الاستراتيجي والاستغراق في الفروع والتفاصيل والإجراءات على حساب المكونات الأساسية للمزيج الاستراتيجي للعمل

34. العشوائية والخلط في الأهداف والمصالح والأسباب والأدوات والنتائج

35. التخلف عن مجتمع المعلومات إلى مجتمع الفهلوة والتخيل والتصورات المبنية على فرضيات وهمية ( غير علمية ) .

36. ثوارث الكثير من المفاهيم الإدارية والمسلمات الضمنية الخاطئة

37. قصور ومحدودية نظم تقييم الأفراد والاعمال و الاكتفاء بتقييم الأداء دون النتائج

38. الاستسلام للتحديات والالتفاف على الذات بالتيريروالتجمل .

39. استغلال المنصب الادارى فى تحقيق مصالح خاصة .

40. الحساسية المفرطة ضد النقد والمراجعة ومن ثم تقليل فرص المراجعة والتطوير

41. فوضى المعايير ( غياب ـ تعدد الافهام ـ تعدد الاستغلال و االتوظيف ) .

42. فوضى الاولويات وعشوائية الاهتمامات ومجالات الانفاق.

43. سيادة فكرة الترقيع والحلول الوسطى التوافقية على حساب الحلول والقرارات الاستراتيجية التغيرية اللازمة التى تحفظ وتضمن المصلحة العامة

44. التفكير اللاموضوعى ( الخرافى ) تفسير الاحداث والظواهر بعوامل خارجية عن اسبابها الحقيقية ، هروبا من الواقع او سعيا لتجميله .

45. تخلف الأساليب الإدارية المتبعة فى الخلط والجمع بين مهام القائد والمدير

46. غياب الشفافية فى فض النزاعات الداخلية خاصة حينما يكن احد أطرافها من القادة والمديرين .

47. انخفاض السقف الفكرى القيادى ومحدوديته ، بالمقارنة بطبيعة وتحديات العصر الحالى الذى نعيشه .

48. شيوع الكثير من الامراض الاخلاقية والنفسية ( الحقد والحسد والمشاحنات والتنافس الغير شريف وسوء الظن والانشغال بالبحث عن الاخطاء والتحفز للنقد والتجريح ،والصعود على اخطاء الآخرين ....الخ ) .

49. عشوائية العلاقات الاجتماعية بين الافراد العاملين وتذبذبها بين الافراط فى الانفتاح فى الحديث عن المسائل الشخصية الخاصة بين الافراد وبعضهم البعض وبين المديرين والافراد ، وبين التقوقع فى شكل شلل وجماعات خاصة منغلقة على ذاتها .

50. استئثار الرؤساء والقادة بالنجاحات والانجازات واغفال دور باقى الافراد الذين ساهموا فى صناعة هذه الانجازات .

51. ضعف وربما غياب الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات كاحد اهم ادوات الادارة الحديثة ، والاكتفاء بالاعتماد على الاساليب التقليدية فى جمع وتحليل وتوظيف المعلومات

52. غياب الشفافية فى اختيار الرؤساء والمسؤلين .

53. غياب ثقافة الاتقان و الجودة الشاملة والابداع فى العمل ( خدمة ، انتاجا) والاكتفاء بالحد الادنى الذى يحرم المؤسسة من الدخول فى معادلة المنافسة وربما من السوق .

54. العشوائية فى تفعيل العلاقة بين البعد الانسانى والعمل الادارى وتركها لطبائع القادة والمديرين (حيث يتم احيانا تغليب البعد الانسانى على مصلحة العمل والمؤسسة واحيانا يتم اغفال البعد الانسان فى العمل الادارى ).







أهم واخطر الآفات النووية الإدارية في مؤسساتنا العربية



1 ــ تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة

الماهية والخطورة ــ الأسباب ـ الآثار الكارثية ـ الوقاية والعلاج

الكثير من الموظفين العاديين

يشعرون بالظلم الواقع عليهم نتيجة تقدم من هو اقل منهم علما وخبرة ومهارة وآداءا وإنتاجا في العمل ، ليس إلاــ لثقة المدير والمسئول فيه ـــ لأسباب بعضها معروف والأكثر منها مجهول .

ماهية وخطورة الآفة

خطأ جسيم وآفة إدارية قاتلة لطالما عانت منها الإدارة والمؤسسات والمجتمعات المتخلفة النامية حيث يعمد مديروها ومسئولوها وصناع القرار فيها إلى تقديم أهل الثقة إليهم والأكثر ولاءا وانتماءا لهم شخصيا على أهل العلم والخبرة وأصحاب الأداء العالي المرتفع ــ وهو لا يدرى انه بذلك الخطأ الاستراتيجي الجسيم يهدد مستقبله المهني هو شخصيا ، كما انه يكبت ويدمر الطاقات الإبداعية لدى موظفيه ، ويضعف المؤسسة ويهدد نموها وتطورها فيدمر بذلك حاضر ومستقبل هذه المؤسسة

كما انه يعرض نفسه لسخط وغضب احكم الحاكمين رب العالمين .

ــ هذه الآفة تعد من أهم التحديات والمشاكل إلى تواجه التطوير الادارى فى مؤسساتنا العربية .

ــ لاشك أن هذه الآفة يعانى منها الموظفين العاديين والمديرين على السواء

فى مؤسساتنا الخاصة والعامة على السواء ، فى المدارس فى الهيئات فى الأندية فى المؤسسات الإنتاجية والخدمية ، البعض يراها ربما تشكل ظاهرة متكررة بنسبة غير قليلة

ــ لذلك حرصت وانأ في سبيلي لتناول هذه الظاهرة أن يكون ذلك من خلال رصد وتحليل الواقع الميداني من وجهات نظر متعددة من الموظفين في المستويات التنظيمية الدنيا والوسطى والعليا كأفراد عاديين وكمسئولين وصناع قرارفى المؤسسات الحكومية والخاصة خدمية وإنتاجية .





الأسباب الكامنة وراء انتشار وتكاثر هذه الآفة حتى أصبحت ظاهرة

يعانى منه الكثير من الأفراد والمؤسسات .









أولا : الأسباب المتعلقة بالبنية المؤسسية للمؤسسة

- البنيان المؤسسي المتكامل القوى هو الذي تذوب فيه شخصيات الأفراد وتعلو فيه شخصية وقوة وقرارات المؤسسة على أجندات وقرارات الأفراد حيث يصنع القرار الواحد بطريقة مؤسسية تستند إلى مرجعيات قانونية وإدارية وفنية ويشترك في صناعتها أكثر من فرد ووحدة في بعض الأحيان ومن ثم تقل فيها احتمالات الخطأ والطغيان .

* وتتكون البنية المؤسسية من دعائم أساسية من أهمها فيما يتعلق بترشيح وترقى وتقديم الأفراد للوظائف والمهام العليا :

1 ــ هيكل تنظيمي واضح محدد الصلاحيات والمهام لكل وحدة ووظيفة من وظائفه

2 ــ نظام إجراءات داخلي يرسم الخطوط القانونية والإدارية لصناعة كل قرار وإجراء بالمؤسسة

3 ــ نظام للموارد البشرية يحدد معايير وإجراءات الترشيح والتوظيف والترقي للوظائف المختلفة

4 ــ نظام للمتابعة والتقييم يوصف ويقيم أداء جميع العاملين بالمؤسسة وفق قواعد مؤسسية شفافة ومعايير موحدة وأدوات قياس فاعلة تضمن شفافية وعدالة تقييم أداء الأفراد ومن ثم الأولى بالترشيح والترقي الوظيفي .

5 ــ تظلم وسياسات للتدريب والتطوير تحدد الاحتياجات التدريبية والتاهيلية لكل وظيفة

والسؤال هنا متى يحدث الخلل وتأتى فرصة اختراق وتجاوز هذا النظام المؤسسي المحكم ويتم تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة ؟

من مشاهداتي الميدانية العملية وجدت ذلك يحدث عادة في حالتين

الحالة الأولى : ضعف أو عدم اكتمال وربما غياب هذه البنية التنظيمية وسير العمل بطريقة عشوائية تعتمد على الفلسفة الخاصة لمدير المؤسسة وعادة ما تتحول المؤسسة سواء كانت حكومية أو خاصة إلى أشبه ما يكون بالعزبة الخاصة بمدير المؤسسة يفعل فيها ويتخذ فيها ما يشاء من قرارات ،

لاحظ هنا أن غياب الأدوات المؤسسية تمنحه فرصة طلاقة اليد في المؤسسة ولذلك ليس غريبا أن تجد أمثال قادة هذه المؤسسة يحرصون على العمل بنفس الطريقة وربما يقاومون اى تغيير أو تطوير يمكن أن يحدث في المؤسسة ، وتراهم يعلنون حرصهم التام وسعيهم الحثيث للتطوير وإتمام كافة أدوات العمل المؤسسي بيد انه يحتاج لوقت لتثقيف وتدريب العاملين عليه وتهيئة بيئة المؤسسة للعمل به ، وقد يمتد الوقت معهم لعشرات السنين في حين انه لا يحتاج لأكثر من عدة شهور قليلة .

الحالة الثانية : حيث توجد كافة هذه الأدوات وبأحدث النظم العالمية وربما انفق على إعدادها ملايين الدولارات ومئات الساعات التدريبية بيد إنها لا تخرج عن أرفف المكاتب والمخازن ويكتفي بها كشيء تجميلي يفتخر به وتحصل عليه شهادات التكريم والجوائز في حين يتم تفريغ هذا النظام المؤسسي من كامل مضمونه عن طريق عدة أساليب

ــ الالتفاف عليه ــ ــ تجاوزه ــ تأجيله أو ترحيله

من خلال طغيان شخصية مدير المؤسسة وتحوله إلى مدير شمولي مطلق وممارسته لصلاحيات ليس من حقه وبطبيعة الحال إلغاء وتجاوز الكثير من وحدات وقيادات ونظم ولوائح المؤسسة

يعزز ويكرس ذلك ضعف أو غياب الأجهزة الرقابة بعمد أو غير عمد بالإضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بالموظفين العاملين بالمؤسسة في المستويات المختلفة .

ثانيا : الأسباب المتعلقة بالمديرين والمسئولين وصناع القرار

الحكمة الإدارية والتجربة التاريخية والواقع الميداني يؤكد أن المدير القوة

يختار مساعدون أقوياء والمدير الضعيف يحرص على اختيار مساعدون ضعفاء .

تكاد هذه المقولة تنطبق بشكل كبير على واقع اغلب المؤسسات التي تعانى من

ظاهرة تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة .

والتي يعانى فيها مديريها من إشكاليتين اساسييتين

الأولى : ضعف التكوين القيادي آما على مستوى المكونات القيادية الفطرية

أو تلك الخاصة بالمؤهلات الأكاديمية والتدريبية والخبراتية المختلفة

واغلب الحالات التي رصدتها وجدت أن مؤهلات هؤلاء المديرين تتوقف

على حد الدراسات الأكاديمية حتى مرحلة البكالوريوس فى احد التخصصات الفنية

بالإضافة الى عدد كبير من سنوات الخبرة التي أهلته للترقي والوصول الى موقع القيادة والقرار ومن ثم لم يتم تأهيل تأهيلا كافيا من الناحية الإدارية والتنظيمية والقيادية

هذا إن افترضنا فيه توفر المؤهلات القيادية الفطرية ــ ومن ثم يتشكل عقله القيادي

من خلال عدة مكونات



التكوين البيئي الأولى في أسرته وغالبا ما يتأثر بنمط قيادة والده في المنزل
التأثر بالأنماط القيادية التي تعامل معها خلال حياته الوظيفية بطبيعة الحال الايجابي منها والسلبي معا

الثقافة المجتمعية العامة عن الإدارة والقيادة
الاجتهاد الشخصي في ضوء ما يمتلكه من معارف وخبرات

اى انه في المجمل العام يفتقر إلى منظومة التأهيل القيادي العلمي التي تمكنه من إدارة الموارد والمعلومات والبشر الذين يعملون معه وتحت قيادته بشكل مناسب ــ وخاصة فى مجالات

ــ معرفة أنواع الموارد البشرية وتصنيفها حسب ما تمتلكه من

مواهب وقدرات

ــ اكتشاف الموهوبين والمبدعين أصحاب القدرات القيادية الفطرية

الواجب الاهتمام بهم وتنميتهم تمهيدا لاستثمارهم

ــ تقييم أداء الأفراد والوقوف على جوانب الخلل والضعف وكيفية

التعاطي معها

ــ الأنماط المتنوعة للموظفين ووسائلهم وطرقهم فى التقرب من الرؤساء والمديرين وكسب ودهم والتأيرعليهم تمهيدا لتحقيق مصالح خاصة بهم

ومن ثم يقع أمثال هؤلاء المديرين بحسن نية فى شراك الاختيارات الغير صحيحة .



الثاني : أن يكون هذا المدير والمسئول من ذوى الكفاءة ولكنه يعانى من خللا أخلاقيا ونفسيا يدفعه إلى تقديم مصلحته الخاصة على المصلحة العامة للمؤسسة

ومن ثم يتعمد تقديم أهل الثقة المقربين منهم لأسباب متعددة

ــ صلة القرابة بينهم

ــ مصالح متبادلة

ــ رد جميل سابق

ــ الولاء والانتماء لشخصه

ــ حب المدح والإطراء والتلميع

ــ تقديم أهل الثقة من ذوى الكفاءات الضعيفة وأصحاب الطموحات والتطلعات المحدودة حماية لذاته من تقدمهم عليه وفى نفس الوقت تفويت الفرص على أصحاب القدرات والأداء المتميز من البروز وزيادة فرصتهم في الإحلال مكانه



ثالثا: الأسباب المتعلقة بالموظفين المتضررين من هذه الآفة وباقي موظفي المؤسسة

والتي ترضى وتقبل بهذا الخلل والانحراف وتتفنن في التعاطي معه والتعايش معه

ويرجع ذلك لعدة أسباب متنوعة من أهمها

ــ النفسية العربية المهيأة للظلم والاستبداد د والقهر نتيجة تعرضها للاستعمار الاجنى لسنوات طويلة مما كرس في نفسها قبول الظلم والتفكير في كيفية قبوله والتعايش والتغني به وتأليف الشعر عن الظلم والاستمتاع به ، أو التكيف معه ومحاولة اتخاذ المسارات الغير شريفة للوصول إلى ما وصل إليه الآخرون ــ بدلا من رفضه ومقاومته .

ــ ضعف مستوى الثقافة الإدارية عامة

ــ الخوف من التعرض لردود الأفعال العكسية والضرر من قبل المدير في حالة الاعتراض على هذه الآفة .

ــ قلة الطموح وضعف الإرادة

ــ الاستسلام للأمر الواقع مع الهروب من المؤسسة إلى مكان آخر ربما يجد فيها الفرصة المناسبة .



الآثار الكارثية لتقديم أهل الثقة على أهل الخبرة

ــ الكارثية : شديدة الخطورة لامتداد أثارها زمانيا / مكانيا / ثقافيا وقيميا

على المؤسسة والمجتمع

والتي تتلخص في ثلاثة محاور رئيسية:





المحور الأول: الآثار النفسية المدمرة على العاملين أهل العلم والخبرة والأداء المتميز

نتيجة معاناتهم من الظلم الواقع عليهم ــ مما يؤدى الى كبت قدراتهم وتحجيم عملهم والحد من طموحهم وقدرتهم على النمو والنهوض بأنفسهم و بمؤسساتهم

ــ وربما يدفعهم ذلك إلى اليأس والإحباط وإتباع الأساليب الملتوية الفاسدة.

وبالتالي يحرم المؤسسة والمجتمع من قدراتهم وابداعتهم

بمعنى آخر وأد فرص الإبداع والابتكار والتطوير فى المؤسسة

مما يهدد نجاحها واستمرارها فى السوق

المحور الثاني: على أهل الثقة أنفسهم المستفيدين من هذا الخلل :

الذين غالبا ما يتمتعون بهذه الثقة لبعض الأسباب غير الموضوعية:

- وجود درجة قرابة مع المدير.

- وجود مصلحة مشتركة.

- زمالة سابقة.

- المدح والإطراء الدائم للمدير.

- الولاء الشخصي للمدير.

- عدم مناقشة أو معارضة المدير والسمع والطاعة العمياء له.

- ضعف قدراته ومحدودية طموحه واطمئنان المدير له بعدم تقدمه عليه فنيا.

- التعاون مع المدير في ممارسة بعض الأدوار غير الشريفة.

ـــ ومع تقديم المدير لهم على أهل الخبرة لعظم دور هؤلاء الضعفاء

ويصبح من المستحيل علاجهم أو استكمال تؤهليهم قياديا نظرا لغياب وانتفاء

الدافع للتأهيل ، بالإضافة إلى إحساسهم الوهمى بالتميز والعبقرية ومن ثم تقل فرصتهم في قبول التوجيه والتعلم والتطور ـــ واغلب الحال يتوقف نموهم التأهيلى على هذا الحد حيث يتفرغون للاستفادة من مواقعهم وحصد اكبر ثمار ممكنة منها .

ــ يصبحون محل سخط وبغض زملاؤهم فى المؤسسة وان اظهروا لهم عكس ذلك .

ــ ومع أول ثورة تصحيحية داخل المؤسسة هم أول العاملين الذين سيتم التخلي

عنهم والتخلص منهم



الثالث: على المؤسسة ذاتها

( على ثقافتها وبيئتها الوظيفة ، وعلى مستوى إنتاجها بشكل عام )

حيث تفسد البيئة الداخلية للمؤسسة

ـ فتعلو وتتقدم سلوكيات جماعات الولاء والمحسوبية

ــ السعي لكسب ود المديرين على حساب مصلحة العمل

ــ الانشغال بترتيب المؤامرات المتبادلة

ــ انتشار الغش والخداع على حساب القيم النبيلة المطلوبة في بيئة العمل من العدالة والأمانة وحب العمل والبذل

ــ تقديم مصلحة الفرد والشلة على حساب المؤسسة

ــ فساد جو العمل عامة ويفسد ويضعف أداء وإنتاج المؤسسة بشكل عام،

ــ تقليل فرص نمو المؤسسة وتقدم العمل بها بسبب تولي هذه العناصر الضعيفة لمراتب المسئولية وصنع القرار.

ــ كذلك ينشأ نوع من الصراع والحرب الضروس ضد الكفاءات الحقيقية خشية أن تبرز وتفرض نفسها على جو العمل.















والسؤال المطروح الآن هو

كيفية الوقاية والتعافي من آفة تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة ؟

1 ــ الالتزام باستكمال وتطوير مكونات البناء المؤسسي الحديث للمؤسسة

والذى يعد الضامن الأكبر لمأسسة العمل وحمايته من شخصنه القادة و المديرين

2 ــ العمل وفق قواعد العمل المؤسسي والالتزام الكامل من قبل الإدارة العليا للمؤسسة

به ــ وقيام الجهات الرقابية المختلفة بمتابعة ذلك والتحقق منه .

3 ــ صناعة القرارات بشكل جماعي فق لائحة ومؤسسة تنظم آلية سير العمل واختيار المسئولين ومدة كل منهم وتوقيت مدة المسئولية

( حتى لا تتكون بعد فترة مجموعة من المسئولين أصحاب المصلحة المتبادلة المشتركة في عدم تغيير أي أحد منهم ويتخطون بذلك حاجز القرار الجماعي حيث سيضعون مع بعضهم البعض القرار الفردي في شكل القرار الجماعي).

4 ــ وجود معايير قياس وتوصيف وتقييم دقيقة للأفراد.

5 ــ توقيت مدة المسئولية بسقف زمني محدد حسب طبيعة كل وظيفة.

6 ــ تعزيز الاتصال المستمر بين القيادة والأفراد واعتماد سياسة الشورى والحوار داخل بيئة العمل.

7 ــ التوعية الثقافية والإدارية والدينية لدى جميع العاملين بالمؤسسة.

8 ــ بالنسبة للموظفين العاديين المتضررين من هذه الأفعال

تأخذ كل حالة بحالتها / مؤسسات حكومية ، خاصة

بحسب طبيعة المؤسسة وطبيعة شخصية المدير

وبشكل عام في كل الحالات

ــ الاستمرار في المحافظة على مستوى الأداء العالي والتميز في العمل

ــ الحكمة فى اختيار أكثر من وسيلة قانونية مناسبة ، والإصرار على

المطالبة بالحق حتى تتمكن من الحصول عليه

ويمكن طرح عدد من الخيارات العملية التي يمكن تجربتها حتى يتمكن أهل الخبرة حقا من الوصول إلى الأماكن القيادية المناسبة لهم والمساهمة في إطلاق إبداعاتهم وتطوير العمل والمؤسسة









ضوابط ومحددات / شروط استخدام هذه الخيارات

ــ التأكد من صحة المطالب

ــ الالتزام بالقواعد المهنية الخاصة بطبيعة الوظيفة

ــ المحافظة على قيم المؤسسة

ــ الأدب التام والاحترام الكامل للمسئول وللزملاء

ــ تدعيم الموقف بالمستندات اللازمة

ــ الاستمرار في الأداء العالي المتميز وتقديم مصلحة المؤسسة على

المصلحة والواقع الشخصي المؤقت الحادث .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق