الثلاثاء، 14 أبريل 2009


مقامات:التعليم العالي بين الإصلاحات ومعطيات العصر
محمد علي بركات
مازال التعليم العالي ومشكلاته هو موضوع المقامات .. وقد تم في مقامات سابقة استعراض ما تواجهه مؤسسات التعليم العالي من مشكلات .. والإشارة إلى ما يعود على التعليم من مردودات لا تذكر جراء تبني إقامة الندوات المتعلقة بهذه الشؤون التعليمية وعقد الملتقيات والمؤتمرات .. ولا أدري هل من حسن الحظ أم من سوء الحظ وجود مشروع استراتيجية تطوير التعليم العالي في اليمن التي وهو بكل وضوح يشير إلى ضرورة قيام مؤسسات التعليم العالي باتخاذ ما يلزم من التدابير .. حتى يتم الإسراع في عمليات الإصلاح الهيكلي والمؤسسي لخلق مناخات أكثر شفافية وبما يجعلها قابلة للمساءلة والمحاسبة وهذا هو منطلق التطوير .. ووفقاً لهذا التوجه يفترض وبصورة أساسية تركيز الاهتمام بكل ما يتعلق بالتقييم الذي يندرج في إطاره تقييم الأداء ومستوى جودة ما تقدمه هذه المؤسسات التعليمية من برامج وخدمات .. وكذلك معالجة ما هو قائم من الاختلالات .. بالنظر إلى معدلات الدارسين الملتحقين للدراسة في التخصصات الإنسانية .. حيث بلغت نسبتهم حوالى ( 87% ) من إجمالي عدد الدارسين في اليمن مقارنة بمعدلات الدارسين الملتحقين للدراسة في التخصصات العلمية والتقنية .. وبما يدعم ويساعد على تلبي احتياجات التنمية .. يضاف إلى ذلك ضرورة مبادرة الجامعات باتخاذ الإجراءات المتعلقة بوضع حد للتوسع العشوائي في إنشاء الكليات والأقسام العلمية ذات التخصصات التي لا تلبي في الغالب متطلبات سوق العمل ولا الاحتياجات التنموية .. والبدء دون توانٍ بتحويل فروع كليات التربية المنتشرة في عدد من المحافظات إلى كليات ومعاهد مهنية .. لكي تلبي الاحتياجات المحلية بأقل كلفة تشغيلية .. وهناك آراء قيمة للمتخصصين في سبيل معالجة مشكلات التعليم العالي وهي تشكل إضافة إيجابية إلى ما طرح في مشروع استراتيجية تطوير هذا التعليم .. بل وتعتبر إثراء للموضوع الذي يحدد من خلاله مستقبل التعليم بعد عملية التقييم والتقويم .. وأهم الآراء والأفكار المطروحة أنه بالرغم من التزايد الكبير في عدد الجامعات وفي أعداد الخريجين منها وذلك بالطبع تطور هائل .. إلا أن ما حدث قد تسبب في وجود خلل هيكلي يعكس عدم تجاوب مخرجات التعليم الجامعي من حيث الكم مع احتياجات سوق العمل .. ولذلك يظل معدل البطالة بين الخريجين في تزايد مستمر ويمكن معالجة ذلك من خلال تلافي أخطاء التوسع في التعليم العالي الحكومي والأهلي غير المحسوب بشكل أمثل .. إلى جانب قيام الجامعات باتباع سياسة قبول الدارسين بأعداد محددة في التخصصات التي ترتبط بما يتطلبه سوق العمل والتنمية الأشمل .. ويجب أن يتخذ عدد من الإجراءات في سبيل التحسين النوعي وفي مقدمتها استقلالية القرار في سياسات القبول والتعيين وكذلك البعثات والترقيات .. بحيث يبنى كل ذلك على أساس الجودة وتحفيز أسس الإبداع والابتكار والبحث والتطوير دون استثناءات .. ومن الأفكار المهمة أيضاً ضرورة وضع قوانين جادة لمحاسبة مؤسسات التعليم الحكومية والأهلية .. وإقامة نظم ولوائح جدية تطبق على الجميع لضمان النوعية والجودة في مخرجات التعليم العالي بعيداً عن العشوائية وهناك إمكانية متاحة للتوسع في مجال التعليم العالي النوعي الذي يعتبر السبيل الأمثل إلى الإبداع والابتكار بالطرق العلمية .. يضاف إلى ذلك الحرص على اختيار أفضل الكفاءات من أعضاء هيئة التدريس للعمل بالجامعات وفق معايير صارمة تطبق بجدية .. والعمل على تأسيس مراكز لتطوير العمل الأكاديمي في الجامعات لإمكانية التحاق أعضاء هيئة التدريس بها لرفع مستوى قدراتهم على استخدام تقنيات الحاسوب والتقنيات الحديثة في التدريس والبحث بما يتلاءم مع المعطيات العصرية .. وكذا ضرورة تبني أساليب تقويمية للدارسين بحيث يكون تركيزها على الأداء وتقويم مهارات التفكير ، واستخدام التقنية في مجال التعليم والإدارة والعمل على تقويم وتطوير مناهج مختلف البرامج وفقاً للمعايير الدولية .. على أن تتم مراعاة خصوصيات البيئة والمجتمع اليمني بصورة موضوعية .. وبوجه عام يجب إعداد القوى البشرية على أفضل المستويات التي يمكن من خلالها خلق تنمية تتناسب وقدرات اليمن سواء في مجال الإعداد الإداري أو الفني أو في إعداد قاعدة عاملة ذات مهارات علمية عالية .. فجميع المجالات تتطلب وجود كفاءات لديها القدرة على التطور ومواكبة معطيات العصر والتطورات المعلوماتية والتكنولوجية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق